صورة الوطن في الأغنية السورية المستقلّة. بحث من إعداد وسيم الشرقي

Sep 2016

يعالج البحث، الذي انتهى الباحث الشاب وسيم الشرقي من إعداده مؤخراً، موضوعة صورة الوطن في الأغنية السورية المستقلة من خلال رصد تجلياتها في أعمال فرقتين من جيلين مختلفين. الأولى هي فرقة "كلنا سوا" التي تأسست منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي، والثانية هي فرقة "خبز دولة" والتي تأسست في بيروت بعد الانتفاضة السورية، والتي ينتمي أفرادها إلى جيل مختلف عمرياً عن جيل فرقة كلنا سوا.

ينطلق البحث، الذي تم إنجازه ضمن الدورة الثالثة من برنامج أبحاث: لتعميق ثقافة المعرفة، من الواقع الحالي للأغنية السورية المستقلة، حيث تغيّرت وسائل الإنتاج والتسويق وتغيّر الواقع الاجتماعي والسياسي السوري بالكامل، إلا أنّ ذلك لا يعني بالضرورة  تغيّر خطاب الموسيقيين السوريين بشكل جذري، وعلى الأخص بالعلاقة مع موضوعات في عمق المعنى الذي يقدّم عملهم، مثل صورة الوطن.

عن تجربته الشخصية قبل وخلال خوض تجربة هذا البحث يقول وسيم: "الكتابة عن دور التجربة الشخصيّة في إنجاز البحث ليست عزلاً لهذا العامل عن العوامل الأخرى، ومحاولة إكسابه أهميّة أكبر مقارنة بتلك العوامل، بل أستطيع القول إن التجربة بكامل تفاصيلها كانت تجربة شخصية بما تحمله المفردة من معنى الوحدة، أكثر منه معنى الفرادى، أو التميّز.

فعلى المستوى الذاتي كانت تجربتي الكتابيّة الأولى في بلد أجنبي، أي بعيداً عن مصادر المعلومات المباشرة، كالكتب الورقيّة والأشخاص. فكانت الصعوبة تبدأ بمشكلة الاعتماد بشكل كلّي على الانترنت، وصولاً إلى أمور أكثر تعقيداً مرتبطة بسياق البحث ذاته كانت تتعلّق بإقناع المشرفة، ولجنة القراءة بأسلوب البحث المختار للموضوع الذي يحتلّ مساحة إشكالية بين الموسيقى والأدب كوسائط تعبيرية، وبين الخطاب السياسي كمساحة إشكاليّة، ووعرة".

إضافة إلى صعوبة البعد الجغرافي عن مشرفة البحث ممّا حدّ مساحات النقاش والتواصل بالقليل الذي تتيحه وسائط الانترنت، يذكر وسيم عاملاً ثانياً "يرتبط بموضوعة البحث ذاتها، كون البحث المتروّي في الموسيقى السورية المستقلة هو أمر جديد لم يشبع بعد بمواد نظريّة كان من الممكن أن تزوّدني بمادة للنقاش النقدي، وأيضاً إشكالية الموضوع بحد ذاته صورة الوطن في الأغنية المستقلّة. كون عنوان البحث يبحث في الخطاب الكلامي الأدبي المرافق للإنتاج الموسيقي".

لا يُعتبر هذا البحث بحثاً موسيقياً معنياً بالناحية التقنيّة للموسيقى، وجودتها أو سوئها، بل كان معنيّاً، وفقاً لوسيم، بالخطاب الأدبي (الكلمات) المرافق لتلك الموسيقى، ولكنّ ذلك لم يعف البحث من مهمّة البحث في تاريخ الموسيقى المستقلّة في سوريا والمنطقة، وذلك في محاولة لنحت تعاريف مناسبة يستطيع البحث أن يرتكز عليها في تبرير المواد المستخدمة، ومعايير تحليله وتناوله لها، الأمر الذي انعكس على الشكّل الذي اتخده البحث حيث أنّ صياغة هذا الشكل بحدّ ذاتها كانت اشكاليّة، ومربكة، ولكن على المقلب الآخر، كان لإنجاز البحث بمنحة من مؤسسة مستقّلة ومرنة في التعاون دور كبير في تذليل تلك الصعوبات، بالإضافة إلى الدعم الكبير والتفهّم من مشرفة البحث الدكتورة ماري الياس.

أما عن ما خلص إليه البحث من نتائج يتحدث وسيم فيقول: "كون البحث اعتمد تحليل تجربتي جيلين مختلفين من صنّاع الأغنية المستقلّة في سوريا لرصد "صورة الوطن" في أغانيهما فقد خلص إلى بعض النتائج بخصوص هذا الخطاب، أهمّها تطابق خطاب فرقة "كلنا سوا" مع خطاب السلطة السياسية في سوريا بالعلاقة مع الأحداث الخارجية، ومدى تأثير هذه الأحداث على الوطن السوري، كما لمس البحث تمايزاً شكلانياً في خطاب فرقة خبز دولة، يقدّم مصطلحات ولغة جديدة، وابتعاداً عن الخطاب الحالي للنظام السوري، ولكنّه كما في حالة "كلنا سوا" يقدّم تصوّرات ضبابية ومرتبكة عن الوطن السوري، وذلك بالإضافة إلى الاستعانة بأدوات نقدية لخطاب السلطة السياسية تنتمي إلى الجيل السابق، وسقف حريته المنخفض أثناء عمله داخل منظومة هذه السلطة".


© الحقوق محفوظة اتجاهات- ثقافة مستقلة 2025
تم دعم تأسيس اتجاهات. ثقافة مستقلة بمنحة من برنامج عبارة - مؤسسة المورد الثقافي